الموقف الشرعي من الفتن

 الموقف الشرعي من الفتن

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، وعلى آله وصحبة ومن اقتفى أثرة وسار على نهجه واتبع سنته،،، وبعد

الأمْنُ مَطلَبُ الكَثيرِ مِنَ النَّاسِ، بَلْ هُوَ مَطْلَبُ العَالَمِ بأسْرِهِ، حَيَاةٌ بِلا أمْنٍ لا تُسَاوِي شَيئاً، إذ كَيفَ يَعيشُ المرْءُ في حَالَةٍ لا يأمَنُ فيهَا عَلَى نَفْسِهِ حتَّى مِنْ أقْرَبِ النَّاسِ إليهِ؟! 

من أجل ذلك رأيت أن من الواجب عليَّ بيان الحق الذي التبس على بعض من قادته العاطفة وانزلق في اتباع جموع الغوغاء وتكلم في الأحداث التي شهدتها مصر هذه الأيام دون رجوع للنصوص الشرعية ودون تمحيص في أقوال أهل العلم من سلف الأمة ودون نظر وتأمل في مسائل العقيدة السلفية الصحيحة، وما علموا أن أخواننا في مصر الآن يعيشون في خَوفٍ وذُعْرٍ وهَلَعٍ وتَرَقُّبٍ وانْتِظَارٍ للغَدِ، ومَا كانَ ذَلِكَ إلا بِسَببِ فُقْدَانِ الأمْنِ.

إذا اختلَّ الأمنُ أيها القارئ الكريم تبدَّل الحالُ، ولم يهنأ أحدٌ براحةِ بال، فيلحقُ الناسَ الفزعُ في عبادِتهم، فتُهجَرُ المساجدُ ويمنَعُ المسلم من إظهارِ شعائرِ دينِه، وتُعاقُ سُبُلُ الخيرِ، فتختلُّ المعايشُ، وتدمّرُ الديارُ، وتتفرَّقُ الأسَرُ، وتفارَقُ الأوطانُ، وتبورُ التجارةُ، ويتعسَّرُ طلبُ الرزقِ، وتتبدَّلُ طباعُ الخَلقِ، فيظهرُ الكَذِب ويُلقَى الشحُّ. 

باختلالِ الأمنِ تُقتَلُ نفوسٌ بريئةٌ، وترمَّلُ نساءٌ، ويُيتَّمُ أطفال. إذا سُلِبت نعمةُ الأمنُ فشا الجهلُ وشاعَ الظلمُ وسلبتِ الممتلكاتُ، وإذا حلَّ الخوفُ أُذيق المجتمعُ لباسَ الفقرِ والجوعِ، يقولُ معاويةُ رضي الله عنه: (إيّاكم والفتنةَ، فلا تهمُّوا بها، فإنها تفسِدُ المعيشةَ، وتكدِّرُ النِّعمةَ، وتورثُ الاستئصال).

إننا اليومَ في عصرٍ أخذتْ أمواجُهُ تتلاطم بألوانِ من الشرورِ، وانفتحتْ فيه على المسلمينَ موجاتُ فتنٍ تأتي على الأخضرِ واليابسِ، تذلُ الأعزاءَ وتحيرُ العقلاءَ.

الفتنةُ إذا نفخَ فيها السفيهُ اتقدتْ نارُها وعظُمَ شررُها، وإذا وقعتْ الفتنةُ وابتلي بِها الناسُ تاهتِ العقولُ واضطربتِ النفوسُ، يقولُ شيخُ الإسلامُ ابنُ تيميةَ رحمهُ اللهُ تعالى في (منهاج السنة) وهو يتحدث عن ظهورِ أمرِ الغوغاءِ في عهدِ الصحابةِ وما وقعَ من الفتنِ: "والفتنةُ إذا وقعتْ عجِزَ العقلاءُ فيها عنْ دفعِ السفهاءِ، فصارَ الأكابرُ رضي اللهُ عنهمْ عاجزينَ عنْ إطفاءِ الفتنةِ وكفِ أهلهِا، وهذا شأنُ الفتنِ كما قالَ تعالى: وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَّا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنكُمْ خَاصَّةً ، وإذا وقعتِ الفتنةُ لمْ يسلمْ منَ التلوثِ بِهَا إلاَّ منْ عَصمَهُ اللهُ". 

إننَا في زمانِ انتشرتْ فيه الفِتَنُ بينَ المسلمينَ، وبدأَ أقوامٌ لهم مطامحُ سياسيةٌ بتهييجِ الشعوبِ على حكامهم ليخترقُوا بهم أبوابَ الفتنِ، إن الخروجَ على الجماعةِ والإخلالَ بالسلمِ الاجتماعي هو أصلُ كلِ بلاءٍ وقعَ في تاريخِ المسلمينَ؛ لذا حذر منها أشد التحذير في المجتمع الذي يحكمه حاكمٌ مسلمٌ ولو كان ظالماً: ففي الصحيحين عن ابْن عَبَّاسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ قَالَ: (مَنْ كَرِهَ مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئاً فَلْيَصْبِرْ عَلَيْهِ؛ فَإِنَّهُ لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ النَّاسِ خَرَجَ مِنْ السُّلْطَانِ شِبْراً فَمَاتَ عَلَيْهِ إِلاَّ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً)، وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: (مَنْ خَرَجَ مِنْ الطَّاعَةِ وَفَارَقَ الْجَمَاعَةَ فَمَاتَ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً)، وعنْ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ الأَشْجَعِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: (خِيَارُ أَئِمَّتِكُمْ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ، وَشِرَارُ أَئِمَّتِكُمْ الَّذِينَ تُبْغِضُونَهُمْ وَيُبْغِضُونَكُمْ وَتَلْعَنُونَهُمْ وَيَلْعَنُونَكُمْ)، قَالُوا: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَفَلاَ نُنَابِذُهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ؟ قَالَ: (لاَ مَا أَقَامُوا فِيكُمْ الصَّلاَةَ، لاَ مَا أَقَامُوا فِيكُمْ الصَّلاَةَ، أَلاَ مَنْ وَلِيَ عَلَيْهِ وَالٍ فَرَآهُ يَأْتِي شَيْئاً مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ فَلْيَكْرَهْ مَا يَأْتِي مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ وَلاَ يَنْزِعَنَّ يَداً مِنْ طَاعَةٍ)، وعَنْ وَائِلٍ الْحَضْرَمِيِّ قَالَ: سَأَلَ سَلَمَةُ بْنُ يَزِيدَ الْجُعْفِيُّ رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ: يا نَبِيَّ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ إِنْ قَامَتْ عَلَيْنَا أُمَرَاءُ يَسْأَلُونَا حَقَّهُمْ وَيَمْنَعُونَا حَقَّنَا فَمَا تَأْمُرُنَا؟ فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ سَأَلَهُ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ فِي الثالثة فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ : (اسْمَعُوا وَأَطِيعُوا، فَإِنَّمَا عَلَيْهِمْ مَا حُمِّلُوا وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ)، وفي الصحيحين عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : (سَتَكُونُ أَثَرَةٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا)، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَمَا تَأْمُرُنَا؟ قَالَ: (تُؤَدُّونَ الْحَقَّ الَّذِي عَلَيْكُمْ، وَتَسْأَلُونَ اللَّهَ الَّذِي لَكُمْ). وفي مسلم وأصله في البخاري من حديثِ حُذَيْفَةُ قَالَ : (يَكُونُ بَعْدِي أَئِمَّةٌ لا يَهْتَدُونَ بِهُدَايَ وَلا يَسْتَنُّونَ بِسُنَّتِي، وَسَيَقُومُ فِيهِمْ رِجَالٌ قُلُوبُهُمْ قُلُوبُ الشَّيَاطِينِ فِي جُثْمَانِ إِنْسٍ)، قَالَ: قُلْتُ: كَيْفَ أَصْنَعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ؟ قَالَ: (تَسْمَعُ وَتُطِيعُ لِلأَمِيرِ وَإِنْ ضُرِبَ ظَهْرُكَ وَأُخِذَ مَالُكَ فَاسْمَعْ وَأَطِعْ).

كلُّ هذا من النبي بيان لفضلِ الجماعةِ وعظمِ حرمتِها عند الله ورسوله، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في الفتاوى (28/390): "يجب أن يُعرف أن ولاية أمر الناس من أعظم واجبات الدين، بل لا قيام للدين ولا للدنيا إلا بها".

ولننظر إلى التزام الصحابة الذين هم أبرُّ الناسِ قلوباً وأزكاها أعمالاً بهذا الهدي النبوي:

الموقف الأول: كان الخليفةُ يزيدُ بنُ معاوية بن أبي سفيان بلغ من الفسادِ في رعيتِه ما جعلَ بعضَ أهلِ المدينةِ يُزمعون على الخروج عليه، فأبى أفاضل الصحابة، فقد روى مسلم قَالَ: جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ حِينَ كَانَ مِنْ أَمْرِ الْحَرَّةِ مَا كَانَ زَمَنَ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، فَقَالَ: اطْرَحُوا لأَبي عَبْدِ الرَّحْمَنِ وِسَادَةً، فَقَالَ: إِنِّي لَمْ آتِكَ لأَجْلِسَ، أَتَيْتُكَ لأُحَدِّثَكَ حَدِيثاً سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُهُ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ: (مَنْ خَلَعَ يَداً مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لاَ حُجَّةَ لَهُ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً). وفي البخاري أنه جمعَ حَشَمَهُ وَوَلَدَهُ وقَالَ: لاَ أَعْلَمُ أَحَداً مِنْكُمْ خَلَعَهُ وَلاَ بَايَعَ فِي هَذَا الأَمْرِ إِلاَّ كَانَتْ الْفَيْصَلَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، وذكر قول النَّبِيَّ : (يُنْصَبُ لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ).

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في منهاج السنة (28/390): "وكان أفاضل المسلمين ينهون عن الخروج والقتال في الفتنة كما كان عبد الله بن عمر وسعيد بن المسيب وعلي بن الحسين وغيرهم ينهون عام الحرة عن الخروج على يزيد".

لكن غلبتْ العاطفةُ العقلَ، والهوى الاتباعَ، فلم يستمعْ الناسُ لهدي النبيِّ وأصحابِه، فخلعوا بيعةَ يزيدَ، فأرسلَ إليهم مسلم بن عقبةَ فأستباحَ المدينةَ ثلاثةَ أيامِ، عام ثلاث وستين للهجرة قال الحافظ ابن كثير: "قتلَ خلقاً من أشرافِها وقرائِها، وانتهبَ أموالاً كثيرةً منها، ووقعَ شرٌ وفسادٌ عريضٌ... ووقعوا على النساءِ حتى قيلَ: إنه حبلتْ ألف امرأةٍ في تلكَ الأيامِ منْ غيرِ زوجٍ، والله أعلم".

الموقف الثاني: كان ابنُ عمرُ وغيره من الصحابةِ رضي الله عنهم يصلونَ خلفَ الحجاجِ على ظلمِه وجورِه، بل قدْ روى البخاريُّ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَدِيٍّ قَالَ: أَتَيْنَا أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ فَشَكَوْنَا إِلَيْهِ مَا نَلْقَى مِنْ الْحَجَّاجِ، فَقَالَ: (اصْبِرُوا فَإِنَّهُ لاَ يَأْتِي عَلَيْكُمْ زَمَانٌ إِلاَّ الَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ حَتَّى تَلْقَوْا رَبَّكُمْ) سَمِعْتُهُ مِنْ نَبِيِّكُمْ . وكان الحسنُ البصريُّ يقولُ: إن الحجاجَ عذابُ اللهِ فلا تدفعوا عذابَ اللهِ بأيديِكم، ولكن عليكم بالاستكانةِ والتضرعِ، فإنَّ اللهَ تعالى يقول: وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ . لكن ابن الأشعث كان له مطامحُ سياسيةٌ وكان يقول: والله لأجهدن أن أزيله عن سلطانه إن طال بي البقاء، فاستغلَ طيبةَ بعضِ الأخيارِ والصالحينَ من التابعينَ الذين يتميزونَ غيظاً من ظلمِ الحجاجِ وفجورِه، فهيجهمْ على خلعِ الحجاجِ ثم الخليفة عبدِ الملك، فخلعوه فتفرقتِ الكلمةُ وعظمَ الخطبُ، وبعدَ قتالٍ ذهبتْ فيه دماءٌ وأموالٌ انصرف المسلمون فيه عن قتالِ الكفارِ انهزمَ ابنُ الأشعثِ ومن معه، ففرَ إلى ملكِ التركِ الذي كَانَ يقاتله بعد أن كان يجاهدُهُ في اللهِ، فسلمَه لجندِ الحجاجِ، فلمَّا كَان في طريقِ العودةِ مات منتحراً. وقُتلَ من أتباعِهِ بينَ يدي الحجاج ثلاثونَ ومائة ألف. قال شيخَ الإسلامِ ابنُ تيمية مبيناً أن مفسدةَ الخروجِ أعظمُ من مصلحتِهِ في منهاج السنة النبوية (4/527): "وقلَّ من خرجَ على إمامٍ ذي سلطانٍ إلا كانَ ما تولدَ على فعلِهِ من الشرِّ أعظمَ مما تولدَ من الخيرِ"، حتى قال: "وأما أهلُ الحرةِ وابنُ الأشعثِ وابنُ المهلبِ وغيرُهم فهزموا وهُزمَ أصحابُهم، فلا أقامَوا ديناً ولا أبقَوا دنيَا، والله تعالى لاَ يأمرُ بأمرٍ لا يحصلُ بِهِ صلاحُ الدينِ ولا صلاحُ الدنيا".

أيها القارئ الكريم: على هذا سار أهلُ السنة على هدي نبيهم وسلف هذه الأمةِ حتى صارَ ترك الخروجِ على الحكامِ شعاراً لهمْ، فهذا الإمامُ أحمدُ بنُ حنبلٍ إمامُ أهلِ السنةِ والجماعةِ رحمه الله حينَ أظهرَ أمراءُ بني العباسِ في زمنِه بدعةً كفريةً بدعةَ خلقِ القرآنِ ونفي الصفاتِ، بل امتحنوه وسائر علماء وقته، وفتنوا المؤمنين والمؤمنات الذين لم يوافقوهم على التجهم بالضرب والحبس والقتل والعزل عن الولايات وقطع الأرزاق ورد الشهادة وترك تخليصهم من أيدي العدو، معَ ذلكَ لم يفارقْ رحمه اللهُ شعارَ أهلِ السنةِ بلزوم الجمَاعةِ، مع أنهم ضربوه وحبسوه وآذوه أذيةً عظيمةً، بل لما جاءه قومُ من أهلِ بغدادَ وقالوا: إنَّ الأمرَ –يعنون: القولَ بخلقِ القرآنِ- قد تفاقم وفشا، ولا نرضى بإمارتِهِ ولا سلطانِهِ، فقالَ لهم الإمامُ أحمدُ كما في السنة للخلال (1/133): "لا تخلعوا يداً من طاعةٍ، ولا تشقوا عصا المسلمينَ، ولا تسفكوا دماءَكم ودماءَ المسلمينَ معَكم، وانظروا في عاقبةِ أمرِكم، واصبروا حتى يستريحَ برٌّ أو يُستراحُ من فاجرٍ". وقال: "سبحانَ اللهِ! الدماءَ الدماءَ، لا أرى ذلك ولا آمرُ به، الصبرُ على ما نحن فيه خيرٌ من الفتنةِ: يُسفك فيها الدماءُ، ويستباحُ فيها الأموالُ، وينتهكُ فيها المحارمُ، أما علمتَ ما كان الناسُ فيه؟! يعني أيام الفتنةَ". 

وهذا شيخُ الإسلامِ أحمدُ بنُ تيمية الحراني رحمه الله حين نصرَ حكامُ عصرِه عقيدةَ الأشاعرةِ فآذوه أذيةً عظيمةً لنشرِه عقيدةَ السلفِ الصالحِ حتى إنه ماتَ مسجوناً رحمه الله، ومع ذلكَ ها هو يقولُ كما في الفتاوى (35/13): "وأما أهلُ العلمِ والدينِ والفضلِ فلا يرخصونَ لأحدٍ بما نهى اللهُ عنه من معصيةِ ولاةِ الأمورِ وغشِّهم والخروجِ عليهم بوجهٍ من الوجوه، كما عرفَ من عاداتِ أهلِ السنةِ والدينِ قديماً وحديثاً"، وهو القائل: "ولعله لا يكادُ يعرفُ طائفةٌ خرجتْ على ذي سلطانٍ إلا وكانَ في خروجِهَا من الفسادِ ما هو أعظمُ من الفسادِ الذي أزالتْهُ".

فعلى الجميع تقوى الله تعالى والتزم شرعه سبحانه وتعالى واتبع سنة نبيه n وعلينا جميعاً أن نحمد الله تعالى على العافية وعلى الأمن والأمان، أسأل الله تعالى أن يحفظ هذه البلاد وشعبها وولاة أمرها من كل سوء ومكروه، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

قاله كاتبه

د. هشام بن عبد الملك بن عبد الله بن محمد آل الشيخ

الأستاذ المشارك بقسم الفقه المقارن بالمعهد العالي للقضاء

جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية