هو يحبّها كثيراً.. لكنها لا تحبّه -أو كذا تُظهِرُله..-!
بين قومها وقومه حربٌ وعداء..!، هي تلقّتْ دراستها العالية في دياره.. لكنّه جاء إلى ديارها ليُضاعف متاعبَ قومها؛ ليرسخ أقدامَ قومه المستعمرين..!؛ اختلفا في الغايات والأهداف.. هي تريد الحرية لوطنها ولقومها..
وذاك جاء ليرسخ أقدام الغزاة الطامعين.. لكنما.. لكمنا القلب في خضم الصراع العاطفي أبى إلا أنْ يسيطرَ على المشاعر أبى إلا أن يبرز كقوة ثالثة في صراعٍ بين قومٍ يريدون الحرية ولا غيرها وبين قوم يريدون الاستعباد والاستقلال لا غير..؛
هي شابّة في التاسعة عشرة من عمرها وتعملُ ممرّضة في صفوف المحاربين من أبناء وطنها.. أخذتْ منها الحميةُ والغيرة كلَّ مأخذٍ فقطعتْ دراستها والتحقتْ في صفوف جيش المقاومة.. تضمد الجراح وترعى المعوّقين.. أما هو فيعمل صحفياً لجريدة عسكرية في وطنه..إذاً هو مراسل حربي وعند ما تضعُ الحرب أوزارها.. عندما يتهادنُ الطرفان ويحلُّ الليلُ.. يلتقيان فوق تلّة مجاورة لميدان المعركة..هي تستريح قليلاً وتأخذ نفساً.. وهو بدوره يأتي للتلّة ليقف قبالتها ليحاول إقناعها أنه يحبّها لكنّها لا تُظهِرُ له ودّاً بل تصرِّحه بعدم حبِّها له…!؛ ولْنَسِرْ معهم قليلاً:
صافيتا.. إني أُحبكِ، ولا شأن لي ولَكِ فيما يجري بين قومَينا؟!
ماذا تقول..؟ لغة غريبة أسمعها منكَ..؟، إني أكرهك.. أكرهك، وجودُك في أرضي دليل إذلالي وقهري..!، أنت عدوّي الذي أحاربه والذي أريد إخراجَه.. أنت عدوي الذي استعبدتني ثلاثون عاماً أو تزيد.. أكلت لقمتي.. وهتكتَ عرضي وأضعتَ كرامتي.. وقتلتَ: بني وطني.. وشرّدتَ أسرتي.. يَتَّمْتَ أطفالي.. رَمّلْتَ نسائي.. شرَّدْتَّ قومي فهم في كل وطن غرباء.. أنتَ عدوّي رقم واحد.. أنا عدُوَّتُكَ.. أنتَ تعرفُ ذلك.. أُحاربك نهاراً وليلاً.. وأنتَ جئتَ لمساعدة قومكَ المستعمرين.. فهل أبادلك الحبّ بمثله..؟!! وهل قبلي أَحَبَّ إنسانٌ عَدُوَّه..؟!؛.
صافيتا.. هيّا لنرحلَ أنا وأنتِ إلى بلد آخر وَلْنَدَعْ الأشقياءَ يتحاربون..؟!
ما الأشقياء سوى قومِكَ.. أما قومي فينشرون الحرية.. ينشرون الكرامة المهدورة على مذبح أطماعكم أيّها السفلة.. فاغربْ عن وجهي وعُدْ إلى وطنك.. دعِ العمل.. أظهرِ الاحتجاج على تصرّف قومك وبعدَ الاستقلال تعال إليَّ أاسمِعني النغمةَ التي تردّدها الآن أيّها الثعلب الماكر..؟!
صافيتا.. إنما أنا إنسان ولستُ ثعلباً؛ ولقد أبديتُ احتجاجي أكثر من مَرَّةٍ.. وهاهي تقاريري الصحفية مؤشرُ إنذارٍ لقومي بضرورة ترك هؤلاء القوم يعيشون في وطنهم بأمن وسلام..
صافيتا.. إني أُحبكِ.. وألعَنُ قومي .. لكنني لا أحبّ أن أخونهم فإنْ أنا خنتُ قومي خنتُكِ في حبي..؟!، صدّقيني صافيتا…
وكانا يلتقيان كل يوم.. وعند التلة رقم (9).. يتحاوران.. يتجادلان هي تُسمِعُهُ ما غلُظ من قول.. هو يُسمِعُها ما لان ورَقَّ من قول…
هي بالطبعِ تُحبّه.. لكنها لم تُبْدِ له ذلك.. وإلا لما تردّدت على التلّةِ تنتظر مقدمه.. أو تأتي له وهو جاثٍ يساوره القلق إذا ما تأخرتْ.. ويَهُشُّ للقاها… نعم هي تحبّه لكنها لم تُبدِ له ذلك.. وإلا لما أصابتْ من طعامه الذي يحمله لها كل يوم.. لما قبِلتْ هديته التي قدمها ذات مساء!
ويثورُ الكون بين الفريقين فتتّجه هي لتضميد الجراح.. ويتّجه هو لسبر غور المعركة ورفع تقاريره -وعلى ضوءها تُحدّدُ العمليات العسكرية
وتُصيب رصاصة رعناء… ويلقى حتفه…!،
هي تعرفُ اسمه جيداً و إن لم تكن قد نطقتْ به أمامه… ويُعلن رسمياً عن مقتل أندرسون لوي مراسل صحيفة….؟….[ضعي لها اسماً !] الحربي… وتعلم عن نبأ مقتله.. فتذهب للتلّة وتجلس لتبكيه…
أندرسون وأنا أيضاً أحبّك.. وإن كنتُ أكره قومَك..!، أعرفُ ألاّ ذنب لك في كل ما يجري… أنادي روحك .. إني أُحبّكَ أندرسون.. ولعنة الله على الحرب…
فالحبّ أقوى شيء في الحياة…!