بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم،،،وبعد
في هذا العام يجتمع على المسلمين يومين عظيمين في يوم واحد يوم عيد الأضحى ويوم الجمعة عيد الأسبوع، ويشكل على الكثير من الناس حكم حضور صلاة الجمعة لمن حضر صلاة العيد، وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله عن رجلين تنازعا في العيد إذا وافق الجمعة فقال أحدهما يجب أن يصلي العيد ولا يصلي الجمعة وقال الآخر يصليها فما الصواب في ذلك ؟
فأجاب شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: الحمد لله إذا اجتمع الجمعة والعيد في يوم واحد فللعلماء في ذلك ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه تجب الجمعة على من شهد العيد كما تجب سائر الجمع للعمومات الدالة على وجوب الجمعة.
والثاني: تسقط عن أهل البَر مثل أهل العوالي والشواذ لأن عثمان بن عفان أرخص لهم في ترك الجمعة لما صلى بهم العيد.
والقول الثالث: وهو الصحيح أن من شهد العيد سقطت عنه الجمعة - يعني يصليها ظهراً مع الجماعة -، لكن على الإمام أن يقيم الجمعة ليشهدها من شاء شهودها ومن لم يشهد صلاة العيد، وهذا هو المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كعمر وعثمان وابن مسعود وبن عباس وبن الزبير وغيرهم ولا يعرف عن الصحابة في ذلك خلاف.
وأصحاب القولين المتقدمين لم يبلغهم ما في ذلك من السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم لما اجتمع في يومه عيدان صلى العيد ثم رخص في الجمعة، وفي لفظ أنه قال أيها الناس إنكم قد أصبتم خيراً فمن شاء أن يشهد الجمعة فليشهد فإنا مجمعون.
وأيضا فإنه إذا شهد العيد حصل مقصود الاجتماع، ثم إنه يصلي الظهر إذا لم يشهد الجمعة فتكون الظهر في وقتها، والعيد يحصل به مقصود صلاة الجمعة، وفي ايجابها - يعني الجمعة - على الناس لمن صلى العيد تضييق عليهم وتكدير لمقصود عيدهم وما سن لهم من السرور فيه والانبساط.
فإذا حبسوا عن ذلك عاد العيد على مقصوده بالإبطال، ولأن يوم الجمعة عيد ويوم الفطر والنحر عيد، ومن شأن الشارع إذا اجتمع عبادتان من جنس واحد أدخل أحداهما في الأخرى كما يدخل الوضوء في الغسل، وأحد الغسلين في الآخر.
فلا ينبغي لنا أن نشدد في حضور صلاة الجمعة لمن شهد العيد وصلاها مع المسلمين، كما أدعو الخطباء وأئمة المساجد أن يخففوا من صلاة الجمعة التي توافق العيد تحقيقاً لمقصود الشارع الحكيم من الانبساط والفرح بالعيد وعدم التكليف على الناس بما هو شاق ومرهق خاصة في عيد الأضحى الذي يكون الناس مشغولون فيه بذبح أضاحيهم.
هذا والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
وكتبه
د. هشام بن عبد الملك بن عبد الله آل الشيخ
عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء