أيها الإخوة المؤمنون، فمن المطالب المهمة التي تهنأ وتحلو وتلذّ بها الحياة مطلب الأمن؛ إذ لا حياة هانئة بدون أمن، كيف يهنأ الإنسان في حياته إذا كان الخوف يحيط به من كل جانب.
فالأمن مطلب مهمّ، وإذا ضاع أو فقِد حلّ مكانه الخوف، وعندها لن يهنأ المسلم بطعام ولا بشراب، ولذلك لما دعا الخليل إبراهيم عليه السلام ربّه ماذا قال؟ (رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنْ الثَّمَرَاتِ). تأمّلوا هذه الدعوة الكريمة: (رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنْ الثَّمَرَاتِ)، دعا بتوفير الأمن قبل توفير الرزق، وذلك لأهمّيته، فلن تهنأ بطعامك وشرابك ومنامك وأنت في حالة خوف.
فنعمة الأمن لا يعدلها نعمة من نعم الدنيا، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : (من أصبح منكم آمنا في سربه معافى في جسده عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها).
أيها الإخوة المؤمنون، قد أنعم الله عز وجل علينا في بلادنا المباركة بهذه النعمة العظيمة، نعمة الأمن، نعمة وجود رجال الأمن الأوفياء، العيون الساهرة التي تسعى وتعمل من أجل حفظ أمننا، ننام ـ أيها الإخوة ـ ونحن آمنون على أعراضنا، آمنون على أموالنا، آمنون على دمائنا، وهم يسهرون الليل، لا يمنعهم برد، ولا يردّهم جوع.
إن من واجب هؤلاء علينا أن لا نفتر عن الدعاء لهم، وأن نكون عونا لهم على تأدية واجبهم، ولا شك أنهم يقومون بواجب عظيم، فهم يصدون عن البلاد كل شر ومصيبة، ويقطعون الطريق على أهل الفجور والفساد اللذين يريدون نشر الفوضى والرعب بين المسلمين الآمنين.
عباد الله: إن ما صنعه الحوثيون في المناطق الجنوبية من بلادنا من تسللٍ واعتداءٍ على الحرمات وترويعٍ للآمنين وإزهاق للأنفس والاعتداء على القرى الآمنة وإلحاق الإضرار بها جريمة لا تغتفر، وإفساد في الأرض والله لا يحب المفسدين.
إن استباحة الدماء جرم عظيم ، واستمراءُ لغة القتل والتخريب بهيمية في الطباع وتحللٌ من القيم والأخلاق، فكيف إذا كان المعتقد فاسداً، والأهداف سافلة؟
إخوة الإسلام، أصحاب المعتقد الرافضي ومنهم هؤلاء الحوثيون يختلفون عن أهل السنة والجماعة في أصول الدين وأركانه، وليس الخلاف معهم في الفروع والسنن، فلهم في القرآن معتقد فاسد ولهم في السنة النبوية كذلك، كما لهم مواقف ومعتقداتٌ باطلة في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم يشتمون ويسبون ويلعنون ويكفرون، بل وصلوا بتهمهم وأذيتهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم تسلم أمهات المؤمنين من أذيتهم وتهمهم الفاجرة.
وحيث اعتدى هؤلاء الحوثيون على حدود بلادنا وأفسدوا في الأرض، وأساءوا إلى الآمنين، وعطلوا المساجد عن ذكر الله فإن التنديد بهم وكشف عوارهم، والدعاءُ عليهم بما كسبت أيديهم، واجب شرعي على كل مسلم ومسلمة، كما نرفع أكف الضراعة إلى الله تعالى ونبتهل إليه وندعوه سبحانه بالنصر والتسديد والتأييد لجنودنا وقواتنا التي تصدت لهم ومنعت شرورهم، وكفت اعتداءهم، ولا تزال تتبع فلولهم، وتتنبه لمداخلهم.
عباد الله: لا بد أن نساهم جميعاً في التوعية وتعرية أصحاب المذاهب والأفكار المنحرفة فبلادنا قامت على التوحيد، ومجتمعنا محبٌ للخير كاره للشر، رافض للعقائد والأفكار التي تخالف هدي الإسلام الصحيح، هذه التوعية مسؤولية الآباء والأمهات مع أبنائهم وبناتهم، ومهمة المعلمين والمعلمات مع طلابهم وطالباتهم، ومهمة العلماء، والمفكرين والإعلاميين، إنها مهمتنا جميعاً في وقت باتت الأخطار تهددنا من كل جانب.
كما يجب علينا أن نكون صفاً واحداً مع ولاة أمرنا حفظهم الله من كل سوءٍ ومكروه، صفاً واحداً مع جنودنا البواسل الذين يدافعون عن حياض هذا الوطن الغالي، ولا شك أن عملهم هذا قربة إلى الله تعالى من أفضل القربات فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (رباط يوم وليلة في سبيل الله خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات جرى عليه عمله الذي كان يعمله، وأجرى عليه رزقه، وأمن الفتان). رواه مسلم في صحيحه، وفي الصحيحين، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها، وموضع سوط أحدكم من الجنة خير من الدنيا وما عليها، والروحة يروحها العبد في سبيل الله أو الغدوة خير من الدنيا وما عليها)، إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة الدالة على فضل حراسة الوطن، وأنه من الجهاد في سبيل الله، وما يصيب هذا المرابط من أذى أو قتل فهو شهيد عند الله تعالى لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد) فعلى إخواننا وأبنائنا الجنود البواسل الصبر والمصابرة واحتساب الأجر والمثوبة بنفس مطمئنة، وحسن الظن بالله تعالى.
أسأل الله تعالى أن ينصر دينه، وأن يعلي كلمته، وأن يحفظ بلادنا ولاة أمرنا وجنودنا من كيد الفجار وشر الأشرار، بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم،،،