مجلة الدعوة العدد (2209) في 13/9/ 1430 هـ
لقاء : وهيب الوهيبي:
وجّه فضيلة الشيخ الدكتور هشام بن عبدالملك آل الشيخ الأمين العام للجمعية الفقهية السعودية إلى أن اتباع سنَّة الرسول صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان هي الطريق للتغيير والتحسين في حياة المسلم، وشدد فضيلته على ضرورة أن يكون للمسلم برنامج يومي لتلاوة القرآن الكريم، وأشار إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم أرشد أمته للتزود من الطاعات في هذا الشهر الفضيل.. وهو ما جاء في تفاصيل هذا الحوار:
* ماذا تقترح أن يشتمل عليه البرنامج اليومي للصائم؟
- لا شك أن شهر رمضان المبارك هو شهر القرآن كما قال الله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِيَ أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ} [البقرة: 185]. الآية وكما قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ } [القدر: 1]. وليلة القدر في رمضان بإجماع أهل العلم، فهذا يجعل المسلم يحرص على تلاوة القرآن في هذا الشهر الكريم وأن يشغل أكثر أوقاته بالتلاوة والحفظ، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يتدارس القرآن مع جبريل عليه السلام في رمضان أكثر من غيره، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير، وأجود ما يكون في شهر رمضان؛ لأن جبريل كان يلقاه في كل ليلة في شهر رمضان حتى ينسلخ، يعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن، فإذا لقيه جبريل كان أجود بالخير من الريح المرسلة، قال ابن رجب رحمه الله: "دل الحديث على استحباب دراسة القرآن في رمضان والاجتماع على ذلك، وفيه دليل على استحباب الإكثار من تلاوة القرآن في شهر رمضان".
لذلك ينبغي في نظري أن يخصص المسلم في شهر رمضان من برنامجه اليومي شيئاً من الوقت لتلاوة القرآن الكريم، بل عليه أن يتدارس مع أبنائه كلام الله تعالى ويجعل أبناءه يتعودون على تلاوة القرآن. هذا من جانب ومن جانب آخر أرى أن يحرص المسلم على أن يشتمل برنامجه اليومي في رمضان على الزيارات الطيبة النافعة للأقارب والأرحام والجيران يسأل عن أحوالهم ويتفقد احتياجاتهم فالمؤمنون أخوة كما أخبر الله تعالى.
فرصة للتغيير
* كيف يمكن أن نجعل من رمضان بوابة للتغيير والتحسين؟
- الإنسان بطبعه معتاد على الروتين في حياته ينام في وقت ويستيقظ في وقت ويذهب للعمل في وقت ويعود ويأكل ويتسوق إلى غير ذلك من أمور دنياه في وقت معين ومحدد في الغالب، فعندما يأتي شهر رمضان المبارك تتغير هذه الأمور ويخرج عن المألوف والروتين المستمر وتتجدد عليه الحياة.
فمن هذا المنطلق يستطيع المسلم أن يجعل من شهر رمضان المبارك بداية حياة جديدة وصفحة بيضاء نقية مع الله تعالى فالمقصر في غير رمضان يقلع عن تقصيره ويغير من طبعه بكل سهولة ويسر لأنه كسر الروتين المعتاد واستقبل شهر التغيير، وقد أرشدنا الرسول صلى الله عليه وسلم إلى التغيير حتى في الأخلاق والتصرفات في رمضان فقال عليه الصلاة والسلام: (والصيام جنة، وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد أو قاتله فليقل: إني امرؤ صائم) فإن تعودت أخي المسلم على هذه الأخلاق الفاضلة في شهر رمضان فثق تمام الثقة أنك ستستمر عليها بعد رمضان وطوال أيام العام.
إذن اتباع سنّة الرسول صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان هي الطريق للتغيير والتحسين في حياة المسلم.
للمرأة فقط
* بماذا تود أن تهمس في أذن صاحبة المطبخ في رمضان؟
- يعتقد البعض هداهم الله أن شهر رمضان المبارك شهر أكل وشرب فيتفننون في أنواع المأكولات والمطعومات والتي ربما لا يستفاد منها، وأقول لكل ربة بيت: شهر رمضان المبارك فرصة عظيمة لأن تأخذ المعدة قسطاً من الراحة في النهار فلا تتعبيها في الليل، والنبي صلى الله عليه وسلم قال: (بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لابد آكلاً فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه)، ولست هنا لأمنع المرأة المسلمة من أن تظهر مهاراتها في هذا الميدان الذي لا ينافسها فيه أحد من الرجال، ولكن أدعوها لأن تتذكر أن هناك أسراً كاملة لا تجد قوت يومها، وأدعوها ألا تغفل عن الصدقة بالطعام في رمضان من تفطير الصائمين والمشاركة في ذلك من أفضل الأعمال المباركة.
وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه) ولكي يحصل المسلم على هذا الفضل؛ لابد له من التقليل من الأكل حتى يكون نشيطاً في صلاة التراويح وفي قيام الليل.
التنقل بين المساجد
* ما ملاحظتك على من يؤدون صلاة التراويح؟
- من الملاحظات التي تتكرر كل عام التنقل بين المساجد في صلاة التراويح فيصلي المسلم كل يوم في مسجد طلباً للصوت الندي، وأقول إن من أعظم مقاصد صلاة التراويح أن يسمع المصلي كتاب الله كاملاً في الصلاة وهذا لا يتحقق في التنقل بين المساجد، إضافةً إلى أن وقت إقامة الصلاة كما هو معلوم يختلف من مسجد إلى آخر وفي التنقل تفويت لتكبيرة الإحرام مع الإمام أو تفويت لجزء من الصلاة والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (من قام مع إمامه حتى ينصرف كتب له قيام ليله).
ومن الملاحظات أيضاً أن البعض من المسلمين هداهم الله ينشطون أول الشهر فيشهدون صلاة التراويح ويكسلون في آخره، وأذكرهم أن هذا الشهر المبارك شهر فضيل لا ينبغي تضييع أوقاته بل هو فرصة عظيمة لك أخي المسلم لأن تتزود فيه من الطاعات وتودع في خزائن أعمالك من الباقيات الصالحات التي تجدها مدخرة لك عند الله تعالى يوم لا ينفع مال ولا بنون، فلا ينفعك إلا ما قدمت في هذه الدنيا.
إمام المسجد
* ما الرسالة التي توجهها إلى إمام المسجد في رمضان؟
- أقول لكل إمام مسجد عليك بتقوى الله تعالى في السر والعلن فعليك مسؤولية عظيمة في شهر رمضان المبارك، اعرض القرآن كاملاً على جماعة المسجد في صلاة التراويح وحاول أن تسمعهم كلام رب العالمين بصوت واضح غير متكلف، فمن أعظم مقاصد صلاة التراويح أن يستمع المصلون للقرآن كاملاً فاحرص على ذلك.
وأعلم أن بقاءك في مسجدك وعدم التخلف عنه خير لك من السفر للعمرة، فلا تترك الواجب لأجل أمر مستحب.
التعامل الحسن
* سلوكيات سلبية تتمنى ألا تراها في رمضان؟
- في الحقيقة لا أفهم لماذا تسوء أخلاق بعض الناس هداهم الله في نهار رمضان، هل السبب هو عدم الأكل أو الشرب، أم السبب أمر آخر، النبي صلى الله عليه وسلم أرشد أمته إلى أن تتعامل بالخلق الحسن وبالمعاملة الحسنة إذا ما تم الاعتداء عليها فقال صلى الله عليه وسلم: (فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يفسق ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم)، هكذا أرشدنا نبينا صلى الله عليه وسلم.