وفاة الأمير نايف ومبايعة الأمير سلمان

 وفاة الأمير نايف ومبايعة الأمير سلمان

  إن الحمد لله، نحمده ونستعينه،،،

عباد الله: ما كان حديثًا يُفترَى، ولا أمرًا يُزْدَرَى؛ أنّ هذه الدار دار امتحان وابتلاء،( الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً ) وأنّ حقيقتها ظلّ زائل، وعَرَض حائل،( يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ ). 

لقد تَحَسَّى مرارة الموت الأنبياء والأولياء، والعلماء والنبلاء، والعظماء والزعماء، بل كل صغير وكبير، وغني وفقير، ومأمور وأمير(كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ)، (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ).

في حَدَثٍ هزّنا خبُرُه، وأفزعنا نبؤه، خبرٌ عزّ علينا مَسْمَعُه, وفاة ولي عهدنا ووزير أمننا، رافع لواء السنة وقامع دعاة البدعة، نايف بن عبد العزيز رحمه الله رحمة الأبرار، وألحقه بعباده المصطفَين الأخيار، وأسبغ عليه الرحمة والغفران، وجمعنا وإياه وسائر موتى المسلمين مع النبيين والصدّيقين والشهداء والصالحين، وجزاه الله خير الجزاء على ما قدّم للإسلام والمسلمين, اللهم آجرنا في مصابنا واخلف لنا خيرا يا أرحم الراحمين . 

والحمد لله على قضائه وقدره، والله المستعان، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، لله ما أخذ، وله ما أعطى، وكلّ شيء عنده بأجل مسمّى. 

اللهم لك الحمد حمداً حمداً على نعمة صفاء التوحيد ونقاء العقيدة, فلقد رأى كثير منكم ذلك القبر, فلا هناك ورود ولا أزهار ولا طقوس ولا افتخار, بل قبر على سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم, إنه صفاء التوحيد ونقاء العقيدة, فنسأل الله أن يحقق التوحيد قولاً و عملاً واعتقاداً في قلوبنا، وأن يجزي الله ولاة أمر هذه البلاد خيراً على سعيهم وحرصهم على عقيدة التوحيد والدعوة إليه ونشرها في أرجاء الدنيا. 

أيها المسلمون: مع لَوْعَة الفراق، تمّ الوفاق والاتفاق، ومع أسى الوداع، تم الاعتصام والاجتماع، في مظهر فريد، من اجتماع الكلمة، ووحدة الصف، ومُبادَرة للبيعة الشرعية على الكتاب والسنة، بسلاسة وانسيابيّة ويُسر وتلقائيّة وسرعة في اتخاذ القرار, وهذا بحمد الله ومَنّه يُعدّ من عاجل البشرى، وصالح العُقْبَى، في عصرٍ اتّسم بالفتن والاضطرابات، مما شفى صدور المؤمنين، وخيّب ظنون المُرْجِفين الذين يُساوِمون على استقرار هذه البلاد المباركة، ويراهنون على أمنها وثباتها ورسوخها، وبهذه المناسبة فإننا نجدّد ونؤكّد البيعة الشرعية لولاة أمرنا وفّقهم الله، نبايعهم على كتاب الله وعلى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، نبايعهم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره، وعلى أثرة علينا، نبايعهم على أن لا ننازع الأمر أهله، بيعةً مخلصة، وولاءً صادقاً، امتثالاً لأمر الله عزّ وجلّ، واستناناً بسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

عباد الله: لقد كان ولي العهد الأمير سلمان بن عبد العزيز منذ البداية عضداً وسنداً بعد الله سبحانه وتعالى لسلفه رحمه الله، ولخادم الحرمين الشريفين، فحمل الراية بعد أخيه الأمير سلطان رحمه الله في وزارة الدفاع وها هو يحمل الراية بعد أخيه نايف ولياً للعهد ليكمل المسيرة على نفس المنهج، منهج الكتاب والسنة، على فهم سلف الأمة، وللأمير سلمان ولي العهد حفظه الله من الأعمال الجليلة والمنجزات الكبيرة والمشاريع الخيرية والإنسانية الشيء الكثير، وقد جعله الله مفتاحاً لكثير من أبواب الخير والإحسان على أبناء هذا الوطن بخاصة وعلى أبناء الأمة الإسلامية بعامة، ومنحه الله مزايا وصفات قلَّ أن تجدها في غيره بل هو قدوة لغيره فيها.

فنسأل الله أن يعينه ويسدده، ويحقق على يديه الخير لهذه البلاد وشعبها، وأن يجعله عضداً قوياً لأخيه خادم الحرمين الشريفين، وأن يكون خير خلف لخير سلف. 

فاللهم أعن ولي العهد لتحمل المسؤولية، اللهم كن له معيناً ونصيراً، وهادياً ودليلا، اللهم وجعله عضداً قوياً لأخيه خادم الحرمين الشريفين، اللهم اجعله خير خلف لخير سلف، اللهم أيد الإسلام به وأيده بالإسلام، اللهم أدم عليه توفيقك ونصرك وتأييدك، واجعله وإخوانه وأعوانه أئمة هدى وأصلح بطانتهم، وأسبغ عليهم نعمك ووفقهم لشكرها، اللهم إنا نسألك أن تجعلنا ممن إذا ابتلي صبر وإذا أنعمت عليه شكر وإذا أذنب استغفر، وأغفر لنا ورحمنا إنك أنت الغفور الرحيم.

عباد الله: إذا تمت المبايعة من أهل الحل والعقد لولي العهد الأمين، فإنه بذلك تكون في رقبه كل مسلم بيعةٌ شرعية لولي العهد، لا يجوز خفرها ولا التهاون في شأنها، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:( من مات وليس في عنقه بيعة للإمام فقد مات ميتةً جاهلية)، فيجب اعتقاد كل مسلم أن في رقبته بيعة للإمام ولولي عهده، وأن يستحضر ذلك دائماً.

فاتقوا الله عباد الله وحفظوا لولاةِ الأمرِ حقهم، وأعينوهم بالدعاء لهم بالتوفيق والتسديد في كل الأمور وفي كل حين، أقول قولي هذا....