وصف مختصر لرسالة الدكتوراه

وصف مختصر لرسالة الدكتوراه

  الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء و المرسلين نبينا محمد و على آله و صحبه وسلم أما بعد…

(أثر التقنية الحديثة في الخلاف الفقهي) كتاب من إصدارات مكتبة الرشد بالرياض، الطبعة الثالثة عام 1430هـ، وهو من تأليف عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء الشيخ الدكتور/ هشام بن عبد الملك بن عبد الله بن محمد آل الشيخ، ومن تقديم كل من: سماحة مفتي عام المملكة العربية السعودية، رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن محمد آل الشيخ، ومعالي الشيخ الدكتور صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان عضو اللجنة الدائمة للإفتاء عضو هيئة كبار العلماء.

وهذا الكتاب في الأصل رسالة دكتوراه مقدمة لقسم الفقه المقارن بالمعهد العالي للقضاء، نال بها المؤلف درجة الدكتوراه بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولى، وقد أشرف على الرسالة سماحة الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله الفوزان عضو اللجنة الدائمة للإفتاء عضو هيئة كبار العلماء، وناقشها كل من:

الأستاذ الدكتور/ بندر بن فهد السويلم وكيل جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لشؤون المعاهد العلمية.

والأستاذ الدكتور/ محمد بن جبر الألفي الأستاذ بقسم الفقه المقارن بالمعهد العالي للقضاء. 

وفكرة هذا الكتاب تقوم على أن بعض المسائل عرفتها المجتمعات الإسلامية من قبل، وقد تناولها الفقهاء الأوائل، وبحثوها، وقدموا حلولاً لها؛ إلا أن تلك الحلول مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالأوضاع الاجتماعية والثقافية لتلك العصور التي ظهرت فيها تلك المسائل.

وكان لتجدد الحوادث الاجتماعية المتمخضة عن التطورات العلمية و(التكنولوجية)، تأثير عظيم في كثير من المسائل الفقهية، مما يستوجب النظر فيها، والاجتهاد في حلها من جديد، وفق التقنيات والتطورات العلمية المعاصرة في شتى المجالات.

وليس من الحق أو العدل فيما يرى الباحث إعادةُ دراسة المسائل الفقهية الاجتهادية القديمة بمعزلٍ عن الواقع المعاصر؛ ذلك أن التقنياتِ الحديثةَ قد أثرت تأثيراً بالغاً في الكثير من المسائل الفقهية التي درسها واجتهد فيها الفقهاء السابقون - رحمهم الله - وهذا ما يتبين بعد دراسة مجموعة من المسائل الفقهية الاجتهادية التي تأثرت بالتقنيات الحديثة سواءً في مجال التقنية الطبية، أو التقنية الصناعية، أو غيرها من التقنيات الحديثة.

والنداء موجه لطلاب العلم لبذل الجهد في استخراج الحلول المعاصرة لبعض المسائل الخلافية المشكلة، أو التي كانت حلولها وقتية ومناسبة للأزمنة الماضية.

والمسائل الخلافية عند الفقهاء التي تأثرت بالتقنية الحديثة: يقصد بها تلك المسائل التي بحثها العلماء قديماً، وقدموا حلولاً لها تتناسب مع الحياة السائدة في ذلك الوقت، إلا أن هذه الحلول كانت اجتهادات منهم - رحمهم الله - نشأ عنها اختلافٌ في وجهات النظر في بعض هذه المسائل.

ومع تقدم الزمن وظهور التقنيات الحديثة والمخترعات العصرية الجديدة تبينت حلول أخرى مناسبة لهذه المسائل ومتوافقة مع معطيات العصر، فكان لابد من إعادة دراسة هذه المسائل مرةً أخرى. 
ثم إن تغير الأحكام - بحسب تغير الأزمنة والأمكنة والأحوال - ليس تغيراً في أحكام الشريعة ونصوصها، إنما هو رجوع العوائد إلى مستندها الشرعي.

وتغير الأحكام لم يكن مقصوراً على تغير الأزمان واختلاف العصور فقط، وإنما قد يكون ناشئاً عن حدوث طفرات (تكنولوجية) وتنظيمية وتقنية، اقتضتها أساليب الحياة في عصرنا الحاضر.

فحدوث هذه (التكنولوجيا) المبهرة في جميع المجالات يقتضي - ولا شك - أن تتغير بعض الأحكام الاجتهادية؛ لتتفق مع متطلبات العصر، وتساير مصالح الناس؛ وذلك أن المتغير من الأحكام هو الذي نشأ عن اجتهاد، ولم يقع فيه إجماع، فهو معترك العقول، ومحل الخلاف الذي يقبل التغيير، ويتبع الأحوال المتجددة.

وهذا الأمر طبعي في الحكم الاجتهادي الذي به تتسع الشريعة على المسلمين، بشرط أن لا تصادم نصاً، أو إجماعاً.

ثم إن تبدل الفتوى لا يعني تغير القديم، وطرح تراث الآباء والأجداد من الفقهاء -رحمهم الله- وإحلال غيره من المستجدات محله، ولا يعني التطور والتجديد ومسايرة العصر - أيضاً – التبديل، والتحريم، وتحكيم الهوى والشهوة؛ لكنه يعني العودة إلى أصول الشريعة، وقواعدها الثابتة التي ترمي إلى إحقاق الحق، وإرساء العدل والإنصاف في كل الأزمنة والأمكنة والأحوال والعصور.

واشتمل هذا البحث على مقدمة، وتمهيد، وخمسة فصول، وخاتمة، وفهارس فنية. وهي على النحو التالي: 

المقدمة، التمهيد: وفيه خمسة مباحث.

الفصل الأول: أثر التقنية الحديثة في باب العبادات، واشتمل هذا الفصل على دراسة مسائل الحيض، والبلوغ، وتحديد قبلة المساجد في العصر الحديث مقارنة بطريقة الفقهاء، مع التطبيق لعمل إدارة الأوقاف بفرع وزارة الشؤون الإسلامية بالرياض، ودراسة الوسائل التقنية الحديثة في إثبات رؤية الهلال، مع التطبيق العملي من مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية، والمنافذ الموصلة للجوف في الفطر للصائم، وغير ذلك.
الفصل الثاني:أثر التقنية الحديثة في باب المعاملات، واشتمل هذا الفصل على دراسة مسائل في السلم، وانضباط الصفات المسلم فيه، والرد في حال التلف، ومجلس العقد الحكمي.

الفصل الثالث: أثر التقنية الحديثة في باب المواريث، واشتمل هذا الفصل على دراسة مسألة التحقق من الموت، والموت الدماغي، والغرقى والهدمى، وميراث الحامل، والخنثى المشكل، والمفقود.

الفصل الرابع: أثر التقنية الحديثة في باب النكاح، واشتمل هذا الفصل على دراسة مجموعة من المسائل هي: 

انتشار الحرمة بمن ثاب لها لبن من غير حمل، ولا ولادة، وغيبة الولي والزوج في عقد النكاح، وبعض المسائل في عيوب النكاح، مثل: علاج العنَّة بالمستحضرات الدوائية، علاج الضعف الجنسي بأجهزة الانتصاب الحديثة، علاج افتضاض البكارة بالترقيع، علاج الرتق، والقرن، والأمراض المنفرة بالجراحة، علاج العقم بالتلقيح الصناعي، علاج التشوهات بالجراحة التجميلية، ومدة الحمل، والبصمة الوراثية ودلالتها على النسب وغيرها.

الفصل الخامس: أثر التقنية الحديثة في باب الجنايات والحدود، واشتمل هذا الفصل على دراسة مسائل منها: الجناية على ما في جوف الإنسان، والجناية على الجنين في البطن، والقصاص في العظام، وطريقة تنفيذ العقوبة، وتأجيلها بالمرض، وأثر التقنية الحديثة في إثبات حد الخمر.

الخاتمة: وفيها ذكرت أهم ما توصلت إليه من النتائج من خلال هذا البحث.

الفهارس: وتشتمل على فهرس الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية، والآثار، والأعلام، والمراجع والمصادر، ثم الموضوعات.

ومن النتائج التي توصل إليها الباحث مايلي:

أن التقنية في معناها الاصطلاحي هي: كل الطرق التي يستخدمها الناس في اختراعاتهم، واكتشافاتهم؛ لتلبية حاجاتهم، وإشباع رغباتهم.

أن التقنية - بجميع صورها - قد تؤثر في الخلاف الفقهي السابق لهذه التقنية مما ينتج رفع الخلاف، أو النزول على أحد القولين وإلغاء الآخر، وقد لا تؤثر فيه، فيبقى كما كان عليه.

أن الحكم بتغير الحكم الشرعي الاجتهادي منوط بالمجامع الفقهية والهيئات الشرعية المتخصصة.

أن الأحكام الأساسية الثابتة بالقرآن الكريم، والسنة المطهرة، وكذا أركان الإسلام، وجميع الأحكام التعبدية التي لا مجال للرأي فيها، ومسائل العقيدة، كل ذلك لا يتغير، ولا يتبدل بتغير الزمان والمكان والحال، ولا يقبل الاجتهاد أصلاً.

أن ما يقبل التغيير والتبديل بتغير الزمان والمكان والحال هو تلكم الأحكام الاجتهادية التي لم يقع فيها إجماع، ولم يرد فيها نص يخصها.

أن طريقة الفقهاء – رحمهم الله – أيسر وأسهل، وذلك لتمكن كل الناس من العمل بها، بخلاف التقنية الطبية الحديثة التي قد لا تتوفر في كل زمان ومكان.

أثبتت التقنية الطبية الحديثة أن الحامل لا يمكن، ولا يتصور منها الحيض، وهو القول الراجح المختار.

أن ما توصلت إليه التقنية الطبية الحديثة في مجال أكثر النفاس، يتفق تماماً مع القول الذي يرى أن أكثر النفاس أربعون يوماً.

أن التقنية الحديثة المتعلقة بتحديد القبلة إذا تعامل معها الإنسان التعامل الصحيح، فإنها تعطي نتائج صحيحة ودقيقة لا لبس فيها، وبالتالي يعتمد عليها في تحديد القبلة.

أن التقنية الحديثة المتعلقة برؤية هلال شهر رمضان المبارك لا أثر لها في خلاف الفقهاء، بل لكل أهل مطلع رؤية تخصه، ولا ما نع من استخدام المرصد الفلكي في تحديد مكان الهلال ووقت غروبه.
أن العبرة في دخول شهر رمضان المبارك الرؤية بالعين المجردة، لا بالحساب الفلكي؛ إذ الحساب الفلكي لا يحسنه كل الناس، والتقنيات الحديثة في هذا المجال لا يمكن أن تستمر في كل زمان، وأيضاً لا تتوفر عند كل الناس، والدين جاء شاملاً لجميع الأزمان وجميع الأحوال، فالمعول على الضابط الذي لا يتغير.

بينت التقنية الطبية الحديثة أن بخاخ الربو (Ventolin)، والإبر الدوائية التي تؤخذ عن طريق العضل، والتخدير الجاف لا يفسد صوم.

أثبتت التقنية الطبية الحديثة أن الأوردة والشرايين منافذ تمد الجسم بالغذاء عرفاً عند الأطباء، فيبطل الصيام مما دخل من هذا المنفذ، وكان مغذياً.

أمكنت التقنية الحديثة من ضبط صفات بعض السلع التي قال الفقهاء – رحمهم الله – بعدم جواز السلم فيها، وبالتالي جواز السلم، ورفع الخلاف السابق.

ضرورة زيادة البحث والنظر في مسألة الموت الدماغي، والتوسع في بحث هذه المسألة من قبل الهيئات الشرعية المعتبرة، ودراسة المسائل المتعلق بها.

أن التقنية الطبية الحديثة قد توصَّلت إلى معرفة الحمل في البطن وجوداً وعدداً وجنساً وحياةً وموتاً، ومعرفة وقت الوفاة في الغرقى والهدمى، وتحديد جنس الخنثى المشكل، وبالتالي يمكن قسمة التركة بناءً على ما دلَّت عليه.

ضرورة إنشاء مركز وطني لرعاية المفقودين وأسرهم، ومتابعة أحوالهم، وإصدار نشرة أسبوعية تُعنَى بشؤون المفقود، سواءً كان من البشر أو من غير البشر، كالحيوانات والممتلكات التي ضلَّ عنها أهلها.
استطاعت التقنية الطبية الحديثة التعرف على العيوب الموجبة لفسخ النكاح، ومعالجتها بما ينهي العيب، ويقضي عليه.

يجوز العمل بالبصمة الوراثية في جميع الحالات التي يجوز الحكم فيها بالقيافة، وذلك بعد توفر الشروط والضوابط المعتبرة في خبير البصمة الوراثية، وفي معامل الفحص الوراثي.

ضرورة الدقة المتناهية في الإجراءات الإدارية المُتَّبَعَة حال القيام بإجراء الفحص الوراثي في إدارة الأدلة الجنائية التابعة لوزارة الداخلية، والسرية التامة للنتائج.

أنه لا قصاص فيما في جوف الإنسان؛ إلا ما أُمِنَ فيه الحيف، والتعدي، والسراية، وكان مماثلاً لجرح المجني عليه.

اعتبار الفحوص الطبية قرينة قوية على الشراب، وهي أقوى وأولى مما ذكره الفقهاء من اعتبار الرائحة والقي والسكر قرينة على شرب المسكر.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد،،،