رحيل سلطان الخير، والقائد الحكيم، ورجل البذل والعطاء

رحيل سلطان الخير، والقائد الحكيم، ورجل البذل والعطاء

إن الله تبارك وتعالى كتب الموت على كل بني آدم، ولم يكتب الخلود لأحد في هذه الدنيا، مهما كانت منزلته، بل البقاء لله وحده دون سواه، وهذه سنة الله في هذه الحياة، قال تعالى: (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ)، وقال تعالى: (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلاَّ وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ).

ومعظم الناس إذا ماتوا انقطع ذكرهم بعد أن يحول الموت بينه وبين الناس.

ولكن هناك من يموت ويرحل بجسده وروحه من هذه الدنيا، ومن بين أهله وأقاربه وذويه وأصحابه ومحبيه، ولكنه يبقى خالداً في ذاكرة كل من عرفه، وتعامل معه، وقابله. يبقى ذكره بين الناس بما اعطي من أخلاق كريمة، وشمائل طيبة، ومناقب جميلة، أو لما يتصف به من البذل والعطاء والجود، أو لما يتصف به من صفات قيادية نبيلة، وحنان أبوي، وعطف إنساني، وقلب كبير، أو لما يتميز به من مواقف عظيمة، وحب للخير، وسعي في مصالح المسلمين، والأمة المسلمة، ودعم لقضاياها...

وقد وُجدت كل تلك المناقب الجمة، والخصال الحميدة، والمواقف المشرفة في الأمير الراحل سلطان بن عبد العزيز، ولي العهد، الذي حزنت لفقده قلوبنا، ودمعت عيوننا.

فقد كان مثالاً وقدوة للقائد الذي أحب شعبه، وإخوانه، وأصحابه، وأحب قبلهم الفقراء، والمحتاجين من أبنائه ورعيته، وأحبه بالمقابل كل مواطن سعودي، بل وكل من عرفه من خارج هذه البلاد المباركة، فكان أنموذجاً واقعياً حياً يصدق عليه قوله صلى الله عليه وسلم: (خِيَارُ أَئِمَّتِكُمُ الَّذِينَ تُحِبُّونَهُمْ وَيُحِبُّونَكُمْ، وَيُصَلُّونَ عَلَيْكُمْ وَتُصَلُّونَ عَلَيْهِمْ).

ولا غرو في أن يحتل سلطان الخير هذه المكانة العظيمة في قلوب شعبه ومحبيه، فإنه كان سباقاً لكل خير، وباذلاً لماله، وجاهه في نفع إخوانه المواطنين والمقيمين، فكانت أعماله مشهودة من خلال المؤسسة الخيرية التي أقامها، ومن خلال موافقته على علاج المرضى في المستشفى العسكري، وفي مختلف القضايا....

وإذ كان يوم عافيته وشفائه قبل عام وعودته سالماً معافى إلى بلده ووطنه يوم فرح وسرور كبير لجميع المواطنين، غمرتهم السعادة والاستبشار بنجاح علاجه الذي غاب بسببه مدة عن وطنه وأبنائه المواطنين.
كان يوم نبأ وفاته يوماً عصيباً على القلوب، ويوماً مليئاً بالحزن والأسى، واعتبر الناس فقده ورحيله خسارة لبلاد الحرمين، بل وللأمة جميعاً...

فنسأله سبحانه أن يتغمده بواسع مغفرته، وأن يجعل ما قدمه من أعمال وخدمات في موازين أعماله يوم القيامة، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد.